وكالة أنباء عموم أفريقيا

مسؤول طبي ليبي يرسم صورة قاتمة للوضع الصحي في الدول العربية

طرابلس-ليبيا (بانا) - رسم عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية، د. علي أبو قرين، صورة قاتمة للأوضاع الصحية في الدول العربية، داعيا إلى أهمية تبني سياسات واتخاذ قرارات جريئة للنهوض بالقطاعات الصحية في عموم العالم العربي.

وأكد أبوقرين، في رسالة وجهها إلى الأمانة العامة للجامعة العربية وإلى وزراء الصحة العرب الذين يستعدون للإجتماع في الجزائر التي تتولى الرئاسة الدورية للقمة العربية، نشرتها وكالة الأنباء الليبية (وال) اليوم الإثنين، أن الدول العربية لن تحقق التنمية المستدامة وفق إستراتيجيات الأمم المتحدة 2030 ولا حتى 2050 لأسباب عدة منها ما يمر به العالم هذه الفترة من تبعات الأوبئة، والحروب والتغيرات المناخية، والظروف الاقتصادية، وما طرأ لبعض الدول العربية من ظروف سياسية وصراعات محلية أدت الى ما آلت اليه الأوضاع في تلك الدول، ناهيك عن عدم جدية العمل العربي المشترك بالرغم من توافر كل سبل النجاح والتقدم   

وأضاف أن أحد أهم الأسباب والعوامل لتحقيق التنمية المستدامة تكمن في الإصلاح الصحي وإعادة هيكلة النظم الصحية، وتحقيق التغطية الصحية الشاملة، والحماية الاجتماعية، وتحقيق العدالة والمساواة في الخدمات الصحية، وتحقيق الأمن الصحي لكل السكان، البدو قبل الحضر، والريف قبل المدن، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب أولاً تنفيذ إستراتيجيات تعزيز الصحة، وتمكين المجتمعات من صحتهم وتحسينها.

واستطرد أن الإصلاح الصحي غير ممكن بدون خلق بيئات أُخرى للمجتمعات العربية تمكنها من أن تعيش وتربي أبناءها وتنمو وتعمل في بيئات تعزز الصحة، كالسكن الصحي اللائق والمياه النقية الصالحة للشرب والزراعة، ومنظومات لشبكات الصرف الصحي، والتخلص من النفايات وتوفير الوقت وأماكن ممارسة الرياضة والترفيه، وبيئات عمل تحقق طموحات المجتمعات المنتجة والتي ترغب في أن تتقدم المجتمعات الأخرى في العلوم والمعرفة والإنتاجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والدوائي والاقتصادي لتحقيق المحددات الاجتماعية والاقتصادية لحياة صحية منشودة .

 وشدد أبو قرين على أن بلوغ هذا الوضع يحتاج الى اتخاذ إجراءات فعالة محلية وعربية، منها إعادة النظر في التشريعات والقوانين الصحية المعمول بها ومراجعتها وتطويرها وتحديثها، واعتماد السياسات الصحية بكل القطاعات والبناء عليها في كل ما له علاقة بالإنسان والنبات والحيوان والبيئة، وتمكين المجتمعات من الموارد الاقتصادية لحياة صحية أفضل للأجيال الحالية والقادمة.

ودعا أبو قرين إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير الرعاية الصحية الأولية بما يحقق الأهداف المرجوة للمحددات الاجتماعية والصحية القادرة على توفير الخدمات الصحية لكل الناس وفي متناول الجميع، وسهولة الوصول إليها والحصول عليها، بما يمكنها من أن تغطي جميع متطلبات واحتياجات المجتمع الصحية بدءاً من المشورة الطبية والطب الوقائي الذي يحقق الحماية اللازمة الاستباقية ومكافحة جميع الأمراض المعدية والمزمنة والنادرة، والمتابعة الصحية الشاملة من قبل الميلاد الى ما بعد الوفاة لكل الفئات العمرية لكل الناس، وتطوير نظم التعليم والتدريب الطبي والصحي للرفع من كفاءات الكوادر الطبية والطبية المساعدة والفنية والإدارية بما يتماشى مع التطورات التقنية والعلمية والتكنولوجية.

ولاحظ، في هذا السياق، أن 75 في المائة من الأمراض المزمنة بالإمكان تفاديها وحماية المجتمعات منها، وكذلك الأمراض المعدية إذا توفرت النظم الصحية الجيدة والقوية التي تمكن من حماية الأمم والشعوب من خطر تهديدات الأوبئة.

غير أنه أشار إلى أن التفاوت في الأنظمة الصحية العربية والظروف الاقتصادية والاجتماعية، والحاجة الماسة للعمل العربي المشترك لدعم النظم الصحية العربية حالت دون ضمان حماية فعلية وناجعة للمواطن العربي من الأمراض.

ودعا أبو قرين، في هذا الصدد، وزراء الصحة العرب إلى اتخاذ القرارات المرجوة التي تعزز التعاون والعمل العربي المشترك الجاد ومنها ضرورة دعم التعليم والتدريب الطبي والصحي من خلال دعم الجامعات والأكاديميات الطبية والصحية العربية الرسمية، وضرورة دعم البحوث والدراسات العلمية الطبية والصحية إلى جانب إنشاء أو تأسيس الهيئة العربية لمكافحة الأوبئة والأمراض والهيئة العربية لاعتماد المؤسسات الصحية، والهيئة العربية للشراء الموحد للأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية وتوحيد التسجيل الدوائي، ووضع المعايير العربية الموحدة للتصنيع الدوائي الجيد.

كما دعا إلى ضرورة توطين الصناعات الدوائية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية واللقاحات، والمستلزمات الطبية، ووضع التشريعات والقوانين العربية اللازمة لحماية المجتمعات العربية من الأدوية والمستلزمات المهربة والمزورة والمغشوشة، والممارسات الطبية الخاطئة، والتعليم والتدريب الطبي والصحي الموازي وغير المعتمد، وضرورة توحيد التشريعات الصحية التي تضمن الحق في الصحة وسلامة المرضى، والممارسة الطبية الآمنة، وانتقال المريض العربي بسهولة وسلاسة بين النظم الصحية العربية، وتشجيع توطين العلاج، ووضع الآليات اللازمة للاستفادة من الخبراء والاساتذة والأطباء والبحاث العرب المقيمين في الخارج الذين يغطون النسب الأعلى للنظم الصحية والمراكز البحثية بالدول الصناعية المتقدمة ..

وحث عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية، وزراء الصحة العرب على أهمية توجيه الاستثمارات العربية في الاستثمار البشري لسد فجوات النقص الحاد في القوى العاملة الطبية والصحية المؤهلة، والاكتفاء الذاتي من الأدوية واللقاحات والمستلزمات والمعدات الطبية، وسد فجوات التفاوت بين الأنظمة الصحية العربية والنهوض بها جميعًا، مؤكدا على أن العرب لديهم تاريخ طبي عريق سابق للأمم الأخرى، ويمتلكون ثروات هائلة، وكوادر وأطباء وعلماء مشهود لهم عالميًا، ناهيك عن أن الشعوب العربية تزخر بالكوادر الشابة المتطلعة للعلم والمعرفة .

وخلص د. أبو قرين إلى أنه بالإرادة السياسية وحسن إدارة الموارد المالية والبشرية وبالتعاون والعمل العربي المشترك والجاد يتحقق الرفاه وتتمتع المجتمعات العربية بالصحة والعافية وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتغطية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية، وتحقيق الأمن الصحي للأمة العربية.

-0- بانا/ع د/30 يناير 2023