الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

اتفاق الغاز بين ليبيا وإيطاليا يعزز قطاع النفط الليبي رغم الجدل بشأن توقيعه

طرابلس-ليبيا(بانا)- ما انفك اتفاق استثمار 8 مليارات دولار أمريكي الموقع بين شركة "إيني" النفطية الإيطالية والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، يوم السبت الماضي في طرابلس، حول تطوير حقلين للغاز قبالة الساحل الغربي لليبيا، يثير الجدل في البلاد، من خلال تردد وزارة النفط والغاز التي اعتبرت أن الصفقة تهضم حقوق الجانب الليبي، فيما أشاد مسؤولو مؤسسة النفط وحكومة الوحدة الوطنية بالقيمة المضافة لهذه الاستثمارات، سواء لقطاع النفط أو للبلاد بصفة عامة.

ويوصف هذا الاتفاق بأنه الأهم من نوعه الذي جرى التوقيع عليه خلال الـ20 عاما الماضية في قطاع المحروقات الليبي.

وقد وقع عليه رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، فرحات بن قدارة، والرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية للنفط، كلاوديو ديسكالزي، بحضور رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، ونظيرته الإيطالية، جورجيا ميلوني.

لكن وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، أعلن عن إرسال مذكرة اعتراض على الاتفاق إلى المؤسسة الوطنية الليبية للنفط. 

وفسر عون موقفه بأن ليبيا تتحمل نصف قيمة الاستثمار في مشروع الطاقة مع شركة "إيني" البالغة 8 مليارات دولار أمريكي، ما يعني أن الدولة الليبية ستدفع 4 مليارات دولار في المشروع.

واعتبرت وزارة النفط والغاز، في بيان لها، أن الاتفاق الموقع بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية، والمتعلق بمشاركة الأخيرة بنسبة 37 في المائة، جرى بصورة مخالفة للقانون.

وأوضح البيان أن هذا الإجراء يتطلب موافقة مسبقة من وزارة النفط والغاز لرفع حصة الشريك الأجنبي، وبدورها تحيلها إلى مجلس الوزراء للبت فيها، وهو ما لم يحدث.

وطالبت الوزارة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط باتباع الآليات القانونية في هذا الشأن، وإحالة المبررات الفنية والاقتصادية التي تم على أساسها رفع حصة "إيني" إلى وزارة النفط والغاز.

وأضافت الوزارة أن استفراد المؤسسة بقرار تعديل الاتفاقيات يفتح المجال للشركاء الآخرين على أنه بالإمكان إجراء أي تعديل على ما اتُفق عليه سابقا دون المرور بالإجراءات و التشريعات المنصوص عليها في القانون الليبي.

من جانبها، أعربت كتلة "الوفاق الوطني" بالمجلس الأعلى للدولة عن قلقها العميق حيال توقيع الاتفاق بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية.

وحذرت الكتلة، في بيان لها، مما اعتبرتها عواقب تسييس المؤسسة الوطنية للنفط واستخدام النفط كأداة في الصراع السياسي في إطار ما سمتها "معادلة النفط من أجل الاستمرار".

ودعت الكتلة الأطراف السياسية والأجهزة الرقابية للاضطلاع بمسؤولياتها إزاء "التحديات الخطيرة التي تواجه المؤسسات السيادية".

لكن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، صرح أن التوقيع على اتفاق الطاقة مع شركة "إيني" الإيطالية جاء بعد "مفاوضات منصفة للطرفين، راعت مصالح الدولة الليبية ومصالح شريكنا الاستراتيجي".

وقال بن قدارة "أخذنا في الحسبان جميع الظروف الدولية ونشاط دول الجوار في مجال الاكتشافات البحرية والمخاطر المحيطة".

من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية للطاقة، كلاوديو ديسكالزي، الاتفاق بأنه الأهم من نوعه بين البلدين خلال السنوات العشرين الماضية، مشيرا إلى أنه يتعلق باكتشافات تمت منذ زمن بعيد.

وأوضح ديسكالزي أن الاتفاق لن يشمل الإمكانيات والموارد الليبية، ولكنه يشمل جوانب مهنية متعلقة بتبادل الخبرات والتدريب، خاصة بالنسبة إلى الشركات الإيطالية التي ستأتي للعمل في ليبيا، بالإضافة إلى فتح الباب أمام مجال استثمارات أخرى في ليبيا لمضاعفة إنتاج الطاقة.

من جهته، أكد رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، أن اتفاق الغاز الموقع بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية "يصب في صالح ليبيا بنسبة 1000 في المائة".

وأضاف الدبيبة أن الأمر يتعلق بـ"اتفاقية موقعة منذ العام 2008، واستكملنا إجراءاتها، وعدلنا شروطها لصالح ليبيا، إذ خفضنا نسبة الاسترداد (استفادة الجانب الإيطالي) من 40 في المائة إلى 38 في المائة".

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن التوقيع الرسمي، يوم السبت الماضي في طرابلس، على اتفاق لمقاسمة الاستكشاف والإنتاج مع شركة "إيني" الإيطالية لتطوير حقلين جديدين للغاز، ما سيساهم في تعبئة استثمارات تتراوح من 7 إلى 9 مليارات دولار في قطاع النفط والغاز الليبي وتحقق إيرادات صافية للدولة تفوق 13 مليار دولار.

وأوضحت المؤسسة أن الحقلين يحتويان على مخزونات من الغاز تقدر بنحو 6 مليارات قدم مكعبة، مع إنتاج يقدر بحوالي 750 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا على مدى 25 عاما.

ودافع عضو مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مسعود سليمان، عن الاتفاق الموقع مع شركة "إيني"، مؤكدا أن الاتفاق يحدد حصة الشريك الإيطالي بـ30 في المائة وحصة الدولة الليبية بـ70 في المائة.

وفيما يتعلق بزيادة حصة الشريك الإيطالي إلى 37 في المائة بموجب الاتفاق الجديد، أوضح سليمان أن هذه الحصة تمثل الحد الأقصى، على أن تعود إلى 30 في المائة بعد استرداد مصاريف الاستثمار.

ويرى المراقبون في ليبيا أن هذا الاتفاق الاستثماري بين المؤسسة الوطنية للنفط و"إيني" يمثل، بما لا يدع مجالا للشك، عامل تنمية لقطاع النفط الليبي الذي يشهد بعض الزخم في الآونة الأخيرة، في ظل استقرار مستوى الإنتاج عند أكثر من 2ر1 مليون برميل يوميا.

وتطمح المؤسسة الوطنية الليبية للنفط لرفع الإنتاج في مرحلة أولى بحلول نهاية 2023 إلى مليوني برميل يوميا، ثم استهداف الوصول إلى سقف ثلاثة ملايين برميل يوميا في السنوات القادمة.

ومنذ تعيين إدارة جديدة للمؤسسة الوطنية للنفط، على رأسها فرحات بن قدارة، من قبل رئيس الوزراء الليبي، عبدالحميد الدبيبة، استعاد قطاع النفط في ليبيا عافيته ومكانته المعهودتين كقاطرة للاقتصاد الليبي، مسجلا متوسط إيرادات شهرية تفوق ثلاثة مليارات دولار أمريكي.

ومن شأن هذه الموارد المالية الإسهام في تحقيق إيرادات هامة للدولة الليبية تمكنها من تغطية احتياجات المواطنين في هذا الظرف العالمي الصعب الذي تطغى عليه الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وفي ظل استمرار زيادة أسعار النفط الخام، وتحوّل الغاز إلى مادة استراتيجية في سياق سعي دول الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر إمداداتها خارج روسيا، فإن ليبيا يمكنها بالفعل أن تراهن على إيرادات قياسية جديدة، نظرا للاحتياطات الضخمة التي تضع البلاد في صدارة البلدان الإفريقية المنتجة للنفط والغاز.

-0- بانا/ي ب/ع ه/ 01 فبراير 2023