منظمة إغاثية تحذر من أزمة سوء تغذية كارثية في مخيم زمزم بالسودان
بورتسودان-السودان(بانا)- أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها عالجت أكثر من 100 جريح حرب بينهم 11 طفلا، وكثير منهم مصابون بطلقات نارية، بسبب تصاعد العنف في الفاشر عاصمة شمال دارفور بالسودان خلال الأسبوعين الأخيرين.
وقالت المنظمة إنها تدعو الأطراف المتحاربة إلى ضمان حماية المدنيين وهياكل الرعاية الصحية والموظفين، حتى يمكن تقديم المساعدة الحيوية.
كما تعمل في الوقت نفسه على توسيع نطاق استجابتها لأزمة سوء التغذية الكبرى في مخيم زمزم، حيث يزداد الوضع خطورة.
ومع تفاقم أزمة سوء التغذية في مخيم زمزم، تحث المنظمة وكالات الأمم المتحدة على بذل المزيد من الجهود لمنع تدهور الوضع إلى مزيد من الكارثة.
وتدعو منظمة "أطباء بلا حدود" الأطراف المتحاربة إلى ضمان حماية المدنيين ومرافق الرعاية الصحية والطواقم الصحية، بحيث يمكن تقديم المساعدة الحيوية بشكل فعال لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين تتعرض حياتهم للخطر قبل فوات الأوان.
وبعد النتائج الصادمة للتقييم السريع للتغذية والوفيات الذي أجرته أطباء بلا حدود في أوائل يناير، تم إجراء فحوصات لأكثر من 63000 طفل دون سن الخامسة، وكذلك للنساء الحوامل والمرضعات، في مارس وأبريل، وتؤكد أن هناك أزمة سوء تغذية كارثية ومهددة للحياة في مخيم زمزم، شمال دارفور.
وعلى الرغم من دعوتها العاجلة لتقديم الدعم في فبراير عندما نُشرت نتائج التقييم السريع، وبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر، لا تزال أطباء بلا حدود هي وكالة الإغاثة الدولية الوحيدة التي تستجيب لهذه الأزمة الهائلة –وعليه، فهي واحدة من القلائل القادرين على الاستجابة لأحداث الإصابات الجماعية في الفاشر.
ومن بين أكثر من 46.000 طفل تم فحصهم، وُجد أن 30 في المائة منهم يعانون من سوء التغذية الحاد –مع وجود ثمانية في المائة يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد. كما ظهرت أرقام مماثلة بين أكثر من 16000 امرأة حامل ومرضع تم فحصهن: 33 في المائة منهن يعانين من سوء التغذية الحاد، و10 في المائة يعانين من سوء التغذية الحاد الشديد. وبالنسبة لكلا المجموعتين من السكان، تساوي هذه الأرقام ضعف عتبة الطوارئ البالغة 15 في المائة، مما يشير إلى وجود حالة طوارئ كبيرة تهدد الحياة في مخيم زمزم.
وأضافت أنه مع تصاعد القتال، سيكون الأمر أكثر صعوبة لوصول الدعم الدولي الذي كنا نطالب به بشدة.
وتقول رئيسة الاستجابة الطارئة في منظمة أطباء بلا حدود في السودان، كلير نيكولي: "في مخيم زمزم، هناك أزمة حادة على نطاق كارثي. الوضع حرج، ومستوى المعاناة هائل، لكن على الرغم من أن هذا الوضع معروف منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، لم يتم القيام بما يكفي لمساعدة أولئك الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة".
وأوضحت أنه مع تصاعد القتال، نحن قلقون للغاية من أنه سيجعل الأمر أكثر صعوبة لوصول الدعم الدولي الذي كنا نطالب به بشدة. ومع اقتراب موسم الجفاف، نشعر بالقلق أيضاً من حدوث تدهور سريع في أزمة سوء التغذية الشديدة بالفعل خلال الأسابيع المقبلة. وقد كانت حياة مئات الآلاف من الناس في خطر بالفعل –والآن، مع القتال الحالي، أصبح المزيد منهم في خطر".
و"هناك حاجة ملحة لتعزيز وزيادة الاستجابة الإنسانية بسرعة حتى يمكن سحب أزمة سوء التغذية هذه من حافة الهاوية، ولكي يحدث ذلك، من الضروري أن تتخذ الأطراف المتحاربة إجراءات لتمكين الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين".
وقد قامت منظمة "أطباء بلا حدود" بالفعل بتوسيع نطاق استجابتها من خلال فتح عيادة صحية ثانية، وتسجيل أكثر من 11000 طفل في برنامجها التغذوي، وفتح مستشفى ميداني يضم 35 سريراً لعلاج الحالات الأكثر خطورة. وفي الوقت الحالي، جميع الأسرّة مشغولة بالكامل ومن بين المرضى 19 طفلاً يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد وثلاثة أطفال يشتبه في إصابتهم بالحصبة.
وتخطط المنظمة لبدء حملة تطعيم ضد الحصبة وتوسيع أنشطتها لتقديم الدعم للنساء الحوامل. ومع ذلك، فإن هذا لا يكفي لتلبية الاحتياجات. ولا يتم توفير رعاية صحية إضافية في المخيم ومن الضروري إعادتها على وجه السرعة.
وتقول نيكولي: "ليس هناك شك في أن هناك تحديات هائلة فيما يخص تقديم المساعدة الإنسانية في السودان، لكن ذلك ممكن. ولقد أعاقت القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية –بما في ذلك العوائق المتعمدة أمام إيصال المساعدات من قبل الأطراف المتحاربة– بشكل كبير قدرة وكالات الإغاثة على توسيع نطاق الاستجابة".
و"إضافة إلى انعدام الأمن، فإن الوضع حرج للغاية بحيث لا يمكن الاستمرار في استخدام هذه القضايا كأعذار. ويجب على الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني بشكل عام بذل المزيد من الجهد للتفاوض على وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية للحضور والمساعدة في الاستجابة في مخيم زمزم".
ويعيش الناس في المخيم ظروفا مؤسفة. لم يتم توزيع أي مواد غذائية رسمية في المخيم منذ مايو 2023. وعلى الرغم من وصول بضعة شاحنات من الأمم المتحدة إلى الفاشر قبل أسبوعين، لم يصل شيء إلى زمزم حتى يوم الإثنين 29 أبريل. في ذلك التاريخ، تم تسليم قادة المجتمع الغذاء الذي كان من المتوقع بعد ذلك توزيعه بين السكان.
ومع ذلك، حتى قبل بدء الحرب، لم يتلق الناس في المخيم سوى القليل من الدعم. كانت الحصص الغذائية أقل بكثير من المعايير الدولية، ولم تكن هناك مياه نظيفة كافية ولم يكن هناك سوى عيادتين صحيتين أخريين في المخيم الشاسع قبل أن تفتح أطباء بلا حدود أول عيادة لها في عام 2022، وكلتاهما بالكاد تعملان الآن.
وتؤكد المنظمة الإغاثية أن "الوضع مزرٍ لجميع سكان المخيم وخلال العام الماضي، تدهور بشكل كبير. وبالنسبة لآلاف الأشخاص الذين أصبحوا نازحين حديثاً من نيالا وطويلة وغيرها من المواقع التي اندلع فيها قتال عنيف، فإن الوضع سيء بشكل خاص. وصل الكثيرون إلى مخيم زمزم وليس معهم شيء ويعيشون في مدارس مكتظة ولا يتوفر لهم الطعام أو الماء. ويحتاج الجميع في مخيم زمزم إلى الدعم، لكن الوافدين الجدد معرضون للخطر بشكل خاص.
ومع تصاعد العنف في شمال دارفور مرة أخرى، أصبح المزيد من الأشخاص نازحين مما يعني أنه قد يكون هناك قريباً المزيد من المنافسة على الموارد المحدودة جداً بالفعل في المخيم".
ولا بد من وجود توزيع للطعام بشكل منتظم وفعال، للحيلولة دون مزيد من تدهور الوضع. ومع اقتراب موسم الأمطار، وعدم وجود إسفلت على الطرق، سيصبح من الصعب على شاحنات المساعدات الوصول إلى المخيم، ما يجعل التسليم السريع للمساعدات أكثر إلحاحاً.
وعلى الرغم من إدراكها لخطورة الوضع، وعلى الرغم من تحذيرات المجاعة الواردة من وكالات الأمم المتحدة نفسها، فإن الأمم المتحدة لا تفعل سوى القليل جداً لمنع أزمة سوء التغذية في زمزم من التدهور إلى وضع كارثي.
-0- بانا/م أ/س ج/02 مايو 2024