الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

صحيفة ليبية تكشف أن المهاجرين ضحايا لحرب التضليل الإعلامي

طرابلس-ليبيا(بانا)- تُعرف الهجرة بأنها ظاهرة طبيعية ومعقدة تمس جميع البشر، وترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ البشرية، لكنها اليوم تأخذ منعطفا دراماتيكيا، سواء بالنسبة للمهاجرين أو للدول التي تعاني منها، حتى تحولت إلى قضية عالمية تدفع بعض الدول ووسائل الإعلام إلى شن حرب من التضليل الإعلامي، حسب صحيفة "الصباح" الليبية، التي تحدثت عن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية "وضع مشاريع ثنائية وإقليمية وعالمية بقيمة تفوق 225 مليون دولار في أكثر من 95 دولة بما في ذلك ليبيا، لمواجهة الإتجار بالبشر والعوامل المشجعة عليه".

وذكرت الصحيفة أن السفارة الأمريكية لدى ليبيا قالت، في تغريدة على تويتر، إن مكتب رصد ومكافحة الاتجار بالأشخاص بوزارة الخارجية الأمريكية "أوضح أن هذه المشاريع تهدف إلى تقويض قدرة المتاجرين بالبشر على استخدام المنظومات المالية الأمريكية والعالمية لإخفاء أصولهم المالية وغسيل عائداتهم".

وبيّنت "الصباح" التي تصدر في طرابلس أن هذه التغريدة "الدبلوماسية" تذكر بأجواء الفيديو "المضلل" الذي بثته قناة (سي أن أن) الأمريكية في نوفمبر 2017 ومدته لا تزيد عن 20 ثانية ضمن تقرير مصور مدته 6,17 دقيقة عما أسمته بـ "تجارة الرقيق في ليبيا".

وبهذه المناسبة، لفتت الصحيفة إلى أنه لا يخفى على أحد معاناة هؤلاء المهاجرين وهم يتدفقون بمئات الآلاف من الجنوب إلى الشمال هربا من النزاعات المسلحة في بلدانهم، ومن الفقر والجوع والأوضاع الاقتصادية السيئة منذ عقود بسبب فشل سياسات دول ما بعد الإستقلال في التخلص من الهيمنة الإستعمارية والسيطرة الاقتصادية للغرب، وتسهيل قيادات تلك الدول نهب موارد الشعوب الإفريقية".

غير أن ذلك الفيديو "المضلل" الذي بثته (سي أن أن) لا يعدو كونه شقيقا للكثير من "الفيديوهات المفبركة" التي بثتها هذه القناة الأمريكية منها على سبيل المثال تلك التي زوًرت امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل للمساهمة في تبرير تدميره وإرجاعه إلى القرن الثامن عشر، في إشارة إلى حرب الخليج سنة 2003.

وانتقدت الصحيفة الصحفيين الغربيين، مشيرة إلى أن معظمهم يتناسون عمدا أن "مهمة الصحفي نقل الحدث وليس صناعته"، مضيفة أنهم يتجنبون البحث عن أجوبة للسؤال الأهم في هذه المأساة الإنسانية وهو كيف يصل المهاجرون الساعون إلى الضفة الأخرى من المتوسط أو "الألدورادو" الأوروبي المزعوم إلى الساحل الليبي من مدنهم وقراهم في دول المصدر الإفريقية.

وبحسب نفس الصحيفة، تنتشر في دول المصدر الإفريقية وفي ليبيا دولة الإستقطاب والعبور، عشرات العصابات لتهريب المهاجرين غير الشرعيين التي تتصيد هؤلاء البؤساء الفقراء الذين لا يمتلكون قوت يومهم وتنقلهم إلى ليبيا أولا مقابل مبلغ يتراوح ما بين 500 و700 يورو، مؤكدة أن السؤال هو كيف يُسدد المهاجرون المساكين ذلك المبلغ؟ وتجيب الصحيفة عن سؤالها بأنهم سيعملون في ليبيا في القطاع الخاص، في المزارع وقطاع البناء والورش، والفتيات يعملن في البيوت، إلى حين سداد ثمن نقلهم من قراهم إلى شمال ليبيا، بضمان حياة أسرهم في بلدانهم.

وبيّن المقال أن من يرغب في التوجه إلى الشاطئ الآخر من البحر المتوسط سيستمر في العمل بعد ذلك إلى حين جمع تكلفة رحلته، على متن قوارب متهالكة، والتي تتراوح ما بين 1000 و1500 يورو. ومن هنا استنبطت مراسلة (سي أن أن) مسرحية "بيع العبيد في ليبيا".

وذكّرت الصحيفة بأن ليبيا تستقبل، اليوم، رغم أوضاعها السياسية والإقتصادية الصعبة، ما بين 1,2 مليون و1,5 مليون من المهاجرين من مختلف الجنسيات الإفريقية، بحسب إحصائيات شبه رسمية، مشيرة إلى أنهم يعملون في ليبيا ويعيشون فيها، وعيونهم ليست على الضفة الأخرى من المتوسط، ويحوًل كل واحد منهم 100 دولار أمريكي على الأقل شهريا إلى أسرته، وهو مال من عرق جبينه وليست منة من أحد، أي ما يُعادل ما بين 120 مليون و150 مليون دولار شهريا.

وبالعودة إلى المشاريع التي ستمولها الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار مكافحة الاتجار بالبشر، أكدت الصحيفة الطرابلسية أن المخابرات الأمريكية تعرف قبل غيرها أن شبكات تهريب الأموال المتوطنة في ليبيا منذ عقود تستقطع ما بين 15 و20 في المائة من أي مبلغ يتم تحويله لأي مكان في العالم وهي، هذه الشبكات، أسرع من "وسترن يونيون وموني غرام"، وبالتالي فإن تلويح الولايات المتحدة بالعمل على تقويض قدرة المتاجرين بالبشر على استخدام المنظومات المالية الأمريكية والعالمية لإخفاء أصولهم المالية وغسيل عائداتهم، هو في الواقع، "نوع من التضليل والهذيان في عالم الجريمة المنظمة".

-0- بانا/ي ب/س ج/27 يناير 2023