وكالة أنباء عموم أفريقيا

إعلاميون ليبيون يعبّرون عن عدم جاهزيتهم لمواجهة تهديدات السلامة الرقمية

طرابلس-ليبيا(بانا)- أبلغ عدد من الإعلاميين الليبيين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بأنهم غير مجهزين للتعامل مع تهديدات السلامة الرقمية، 

وأفاد بيان نشرته البعثة الأممية أن جميع الإعلاميين الذين حضروا جلسة تدريبية حول كيفية حماية أنفسهم وبياناتهم نظمتها البعثة عبر الإنترنت كشفوا، في استطلاع رأي أُجري بعد الجلسة، أنهم يعتقدون بأن التهديدات الرقمية تزيد من خطر تعرض سلامتهم الشخصية وسلامة مصادرهم. 

وقال 85 في المائة منهم إن مخاوف الأمن الرقمي أثّرت على أسلوب عملهم الصحفي، وأعرب 92 في المائة عن قلقهم إزاء نقص التدريب على كيفية حماية أنفسهم. 

وحضر الجلسة 16 إعلاميا من جميع أنحاء ليبيا، ضمن برنامج «بصيرة» للتطوير المهني الذي تقدمه البعثة للصحفيين ومدققي الحقائق وأساتذة وطلبة الإعلام.

وقدمت المتحدثة الضيفة، إيلا ستابلي، مستشارة السلامة الرقمية في “لجنة حماية الصحفيين”، وهي منظمة دولية غير حكومية، مجموعة من النصائح للحد من التتبع الإلكتروني وتأمين المعلومات.

من جانبه، صرح أستاذ الإعلام في الأكاديمية الليبية بطرابلس، أحمد صالح البرياف، أنه "إذا كتب صحفي رأيا على مواقع التواصل الاجتماعي أو غطى أحداثا لا تروق لزعيم ميليشيا أو السلطات الفعلية التي يحميها، فإن حريته ستكون مهددة، وسيراقََب رقميا ويلاحَق شخصيا. قد يمر حتى بنقطة تفتيش ويُعتقل وتُصادر هواتفه وتُفحص رسائله السرية. عندها، يواجه مخاطر جسيمة، بما في ذلك الاختفاء القسري والإساءة، والتعذيب".

ولاحظت ستابلي أنه مع تزايد اعتماد العالم على الإنترنت، أصبح الجميع عرضة للتهديدات الرقمية، غير أن المخاطر أكبر بالنسبة للصحفيين نظرا لدورهم في التعامل مع الجمهور.

وأوضحت أن “الناس يعرفونك، ويظهر اسمك بجوار التقارير التي تكتبها. تتطلب وظيفتك التواصل مع أشخاص قد يكونون هم أنفسهم في خطر. وقد تكتب عن أمور لا يرغب الآخرون في نشرها”. 

وعلى الرغم من تزايد المخاطر، أعربت ستابلي عن أسفها لأن الصحفيين غالبا ما يتمتعون بمستوى منخفض من الحماية الرقمية، نظرا لعدم توفر الوقت الكافي لديهم لتعلم التكنولوجيا. 

واعتبرت أنه ينبغي على الصحفيين، أولا، تقييم كمية المعلومات المتاحة عنهم على الإنترنت وكيفية تتبع أنشطتهم من قبل مختلف المواقع الإلكترونية. 

ونوهت الخبيرة إلى إمكانية تعقب البيانات من قبل شركات الهاتف المحمول ومقدمي خدمات الإنترنت وشركات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والحكومات والهيئات.

وقد يحصل الأشخاص أيضا على المعلومات من خلال البرامج الضارة، بما في ذلك برامج التجسس والقرصنة والوصول الفعلي إلى الأجهزة أو التصيّد الاحتيالي، وهو نوع من الهجمات الإلكترونية يستخدم روابط احتيالية لخداع الأفراد وحثهم على مشاركة معلومات حساسة. 

وأوصت ستابلي بالتشفير للتقليل من المخاطر، مؤكدة كذلك على ضرورة تأمين الحسابات الإلكترونية بفصل حسابات العمل عن الحسابات الشخصية، وتجنب ربط الملفات الشخصية بالموافقة على «تسجيل الدخول» إلى مواقع جديدة عبر جوجل أو فيسبوك، وتفعيل المصادقة الثنائية، وإنشاء كلمات مرور لا تتجاوز 15 حرفا.

كما حذرت الخبيرة من استخدام تقنية التعرف على الوجه أو بصمة الإصبع، إذ يمكن إجبار المستخدمين على تسجيل الدخول.

وأكدت على أهمية استخدام خطوط اتصال آمنة، إذ يمكن بسهولة اعتراض بيانات مكالمات الهاتف المحمول أو الرسائل النصية القصيرة أو جمعها لاحقا.

وأردفت بالقول “إذا لم يكن حساب بريدك الإلكتروني مشفرا باستخدام تقنية التشفير التام بين الطرفين، يمكن اعتراضه أيضا. وإذا كنت تجري محادثة حساسة لا ترغب في إخبار أي شخص غريب بها، فلا تستخدم أيّا من هذه الخدمات”.

ولفتت إلى أن “الخيارات الأقل خطورة تشمل تطبيق واتساب الذي لا يمكنه الوصول إلى محتوى الرسائل، وبالتالي لا يمكن إجباره قانونيا على الكشف عنها، وسيغنال، الذي لا يحتفظ بأي معلومات شخصية باستثناء رقم هاتفك”. 

ويمكن للصحفيين، وفقا للخبيرة، حماية أنفسهم بشكل أكبر من خلال تشفير وثائقهم باستخدام أدوات مثل "كريبتوماتور" أو “فيراكريبت”.

أما في حال سرقة جهاز، أوصت ستابلي الصحفيين بتحميل الاتصالات الحساسة على قرص صلب خارجي مشفر أو حساب سحابي غير مرتبط بهواتفهم، مشددة على ضرورة حذف البيانات من الجهاز على الفور. 

ومن أجل ضمان مزيد من الأمان، يمكنهم حمل هاتف ثان يحتوي على أقل قدر ممكن من البيانات، 

وأضافت “قد تبدو مريبا عند امتلاكك لهاتف يحتوي على بيانات قليلة جدا. وعليه، من المهم جدا أن تفهم ما ستقوله في حال احتجازك. قد تقول : آه، إنه هاتف جديد!”.

من جهتها، اعتبرت الصحفية المستقلة المقيمة في طرابلس، هديل خير، أن إتقان الصحفيين في ليبيا السلامة الرقمية “ضرورة قصوى لضمان استمرار العمل الإعلامي الحر الذي نطمح إليه دون تعريض أنفسنا أو مصادرنا للخطر”. 

أما مدققة الحقائق في مبادرة «هي تتحقق» غير الحكومية، هالة عبدالله، فقد حذرت من أن “أي اختراق لحساب صحفي قد يكشف هوية المصادر ويعرّضها للخطر أو الانتقام أو حتى يعرض الصحفيين أنفسهم للاختطاف أو الابتزاز”. 

وأضافت “يحتاج الصحفيون إلى أدوات تحقق رقمية لتجنب الوقوع ضحية للتصيّد الاحتيالي والبرامج الضارة والمواقع الإلكترونية المزيفة”.

-0- بانا/ي ب/ع ه/ 11 أغسطس 2025