مظاهرات ليلية في طرابلس اجتجاجا على التدهور الأمني في العاصمة
طرابلس-ليبيا(بانا)- تصاعد غضب أهالي العاصمة الليبية طرابلس، طوال ليل الأربعاء، إثر الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في بعض أحياء المدينة وخلّفت خسائر في الأرواح والممتلكات بما فيها المنشآت العمومية، ما أدى إلى خروج مظاهرات ليلية بينما أكدت إدارة الأمن في طرابلس أن الوضع الأمني في العاصمة مستقر وأن قوات الأمن تواصل تأدية مهامها.
المتظاهرون استهدفوا، مساء الأربعاء في أبوسليم بجنوب طرابلس، معقل قائد جهاز الدعم والاستقرار عبدالغني الككلي، الذي قُتل مساء الاثنين في ظروف غامضة، لكنهم مُنعوا من الوصول إلى ميدان الشهداء بوسط مدينة طرابلس، حيث كان بعض المتظاهرين يتجمعون فيما تعددت المظاهرات الليلية في طرابلس، خاصة أمام مقر رئاسة الحكومة ب “طريق السكة”، للمطالبة برحيل حكومة الوحدة الوطنية.
وأحرق المحتجون مدرعات تابعة للواء 444 أمام مقر جهاز دعم الاستقرار في أبوسليم.
من جانبه، رفض المجلس الاجتماعي سوق الجمعة ما وصفه بـ"العدوان غير المبرر" على طرابلس، مجددا دعمه لقوة الردع وداعميها.
وأكد المجلس، في بيان، أن الأفعال “غير المسؤولة للحكومة تنتهك السلم الاجتماعي وتقوض شرعيتها في الحكم”، داعيا “إلى إسقاط الحكومة التي لم يعد هناك أي مبرر لاستمرارها في إدارة شؤون الدولة”، حسب رأيه.
وصدرت بيانات مماثلة أيضا عن منطقتي الزاوية وصرمان بغرب طرابلس، حيث كانت رسائلهما واضحة وتتضمن رفضا تاما للقتال ودعوة عاجلة لوقف إطلاق النار الدائم حقنا للدماء وحفاظا على ما تبقى من الاستقرار.
بدوره، أدان مجلس بلدية جنزور (ضاحية غرب العاصمة) الأحداث التي وقعت في طرابلس وعبر عن تضامنه مع الأهالي المتضررين.
ودعا المجلس الجهات المختصة إلى فتح تحقيق عاجل في هذه الأحداث، ومحاسبة كل من تورط في زعزعة الأمن أو الإضرار بالأرواح والممتلكات، حاثا كافة الأطراف على ضبط النفس وإعطاء الأولوية لمصالح الوطن وجعلها فوق كل اعتبار.
وكذلك، أدان مجلس حكماء وأعيان طرابلس المركز، بشدة ما وصفها بالحرب العبثية الدائرة في شوارع العاصمة.
وحمّل حكماء وأعيان طرابلس المجلس الرئاسي ورئاسة الحكومة ورئاسة الأركان مسؤولية حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم.
وشدد المجلس على ضرورة سحب التشكيلات المسلحة كافة خارج طرابلس.
من جانبها، أكدت مديرية أمن طرابلس أنها نشرت دوريات أمنية حول “مواقع حيوية لتعزيز الأمان وطمأنة المواطنين”، حسب بيان نشرته على صفحتها في موقع فيسبوك.
ودعت المديرية جميع المواطنين، خاصة موظفي الدولة، إلى العودة إلى أعمالهم والمساهمة في استعادة الحياة الطبيعية، مؤكدة أن مراكز الشرطة جاهزة لاستقبال البلاغات والشكاوى على مدار الساعة.
وفي الأيام الأخيرة، شهدت العاصمة الليبية طرابلس اضطرابات أمنية إثر مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار، عبدالغني الككلي المعروف باسم غنيوة، يوم الاثنين الماضي، خلال عملية أمنية معقدة في معسكر التكبالي، مقر اللواء 444 قتال.
وبعد هدوء قصير، تجددت المواجهات، أمس الأربعاء، بين قوات “اللواء 444” قتال وقوة الردع المتمركزة شرقي طرابلس بعد قرار من رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بحل هذه القوة.
وعاد هدوء نسبي إلى العاصمة بعد المواجهات المسلحة التي أسفرت عن سقوط قتلى وأضرار مادية، حيث أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي عن وقف إطلاق النار.
وعلى ضوء هذه المستجدات، أصدر رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قرارًا بتجميد قرارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، ذات الطابع العسكري أو الأمني في إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تكليف أشخاص بمهام عسكرية أو أمنية في حدود الاختصاصات الانتقائية للحكومة.
وقرر رئيس المجلس الرئاسي، في المادة الأولى من المرسوم، وقف إطلاق النار وقفاً شاملاً في جميع المناطق، ويلزم جميع الوحدات العسكرية العودة إلى مقارها فوراً دون قيد أو شرط.
ونص القرار على أن “تتولى رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي مراقبة وتقييم الأوضاع والإبلاغ عن أي خروقات وتحديد المسؤوليات على من يخالف ذلك”.
ووفقا لقرار رئيس المجلس الرئاسي، سيتم تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة رئيس الأركان العامة، حول الأحداث الجارية وما رتبته من أضرار بالملكية العامة والخاصة، على أن تقدم تقريرا بنتائج أعمالها إلى «القائد الأعلى للجيش الليبي»، رئيس المجلس الرئاسي، على أن يجرى التنسيق في ذلك مع المدعي العام العسكري.
وكذلك، أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التصعيد السريع للعنف في طرابلس وتحشيد القوات في مناطق أخرى من البلاد.
وحذرت البعثة، مساء الأربعاء، من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة، معبرة عن عميق قلقها إزاء الأحبار التي تحدثت عن سقوط ضحايا مدنيين.
وتصاعدت أعمال العنف في الأحياء السكنية المكتظة في طرابلس، لليلة الثانية على التوالي، ما يعرّض حياة المدنيين للخطر.
ودعت البعثة إلى “وقف فوري وغير مشروط” لإطلاق النار في جميع المناطق المأهولة بالمدنيين في طرابلس، وفتح ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين في مناطق الصراع.
كما حثت جميع الأطراف على حماية المدنيين، والانخراط دون تأخير في حوار جاد وبنّاء لحل الخلافات بالوسائل السلمية.
وأكدت البعثة الأممية أن الاعتداء على البنى التحتية المدنية وتدميرها والإضرار البدني بالمدنيين وتعريض حياتهم للخطر يمكن أن يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي وسيحاسب المسؤولون عنه لينالوا جزاءهم"
وأضافت أنها على تواصل مستمر مع كافة الأطراف في الميدان ومع الشركاء لاحتواء الوضع ودعم جميع جهود الوساطة لنزع فتيل التوتر الحالي.
من جانبها، أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي عن قلقها إزاء الأخبار التي تحدثت عن ضحايا مدنيين وأضرار مهمة في البنية التحتية جراء القتال في طرابلس.
وأكد الاتحاد الأوروبي دعمه للتهدئة ونزع فتيل التوتر في طرابلس، مشيرا إلى ضرورة الحفاظ على الهدنة وانخراط جميع الأطراف المعنية دون تسويف، في حوار حقيقي لحل جميع الخلافات العالقة.
وحث الاتحاد كافة الأطراف على دعم جهود الوساطة والتهدئة التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة، داعيا إلى ضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة خلال هذه الأزمة.
وكذلك، أعرب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، عن قلقه البالغ إزاء المواجهات التي دارت في طرابلس خلال اليومين الأخيرين.
وجدد دعوته إلى جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا لإنهاء التصعيد وإعطاء الأولوية للمسؤولية الوطنية واللجوء إلى الحوار.
كما دعت سفارات خمسة بلدان غربية سلطات طرابلس إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين واستعادة الهدوء فورا لما فيه مصلحة جميع الليبيين.
وأعربت سفارات فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا عن “قلقها البالغ إزاء العنف الأخير في طرابلس”.
وفي بيان مشترك نشرته سفارة الولايات المتحدة على فيسبوك، أشادت السفارات الخمس بالأخبار التي ذكرت أن “أطراف الصراع اتفقت على وقف إطلاق النار”، ودعت إلى “احترامه الكامل دون أي قيد أو شرط”.
-0- بانا/ي ب/س ج/15 مايو 2025