أبرز اهتمامات الصحف التونسية هذا الأسبوع
تونس العاصمة-تونس(بانا)- اهتمت الصحف التونسية الصادرة هذا الأسبوع بمتابعة عديد القضايا المحلية، وأخرى تتعلق بالأوضاع الإقليمية والقارية.
وعلقت جريدة (المغرب) على الافراج عن بعض المحكومين بالسجن والموقوفين في قضايا أغلبها سياسية، مشيرة إلى أن الدولة بهذا الافراج تقرّر درجة الانفتاح وترسم حدود التهدئة، وتوجه رسالة مفادها أنها يمكن أن تخفف قبضتها، لكنها لا تفقد قدرتها على الضبط.
وأضافت: من هنا قد يذهب البعض إلى استنتاج أن الدولة لا تخاف ممن يصرخ، بل ممن يحول الصراخ إلى قضية، إلى خطاب جماعي يصنع رموزا خارج سيطرتها. وفي هذه اللحظة، يصبح الإفراج المشروط ليس تراجعا، بل مناورة، تكفي لتهدئة الضغط دون أن تعالج الأزمة.
صحيفة (لو طون Le temps) الناطقة بالفرنسية، تحدثت، من جهتها، عن ضرورة تطوير المؤسسة الاقتصادية التونسية في ظلّ نظام اقتصادي عالمي جديد يتّسم بتحوّلات عميقة، وأوضحت أن هذه المؤسسة تجد نفسها مُطالَبة بابتكار أساليب عمل مختلفة واعتماد أدوات جديدة تمكّنها من تحديد أولوياتها الإدارية، وضبط خياراتها الاستثمارية والتمويلية وتسريع الانتقالين الرقمي والطاقي، وضمان مستوى جيد من الاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
ومن ناحيتها، تطرقت جريدة (الشروق) إلى التحديات والمخاطر في عياب إصلاح شامل للتعليم، وقالت: تتردد في بلادنا على امتداد عقود طويلة مقولة "الإصلاح التربوي" و"إصلاح التعليم" لكن هذا الإصلاح يتأخر ويترنح، وهذا التردد يعود إلى عدم توافق التونسيين خاصة منذ سنة 2011 على أسس مضامين ومخرجات هذا الإصلاح، ما فتح الباب أمام التجاذبات الداخلية إلى جانب أن محاولات التدخل الخارجية أصبحت تعلن عن نفسها بكل وقاحة من خلال تمويلات وإغراءات وضغوطات بغية التأثير في المناهج وفي المضامين التي يتم تقديمها للتلاميذ والطلبة على غرار التربية الجنسية التي تُتخذ مطية لتمرير مضامين غريبة عن مجتمعنا.
وفي ذات السياق، كتبت صحيفة (الصريح): ظللنا منذ عقود متوالية بعد نيل بلداننا العربية الإسلامية استقلالها، نُمنّي أنفسنا بإصلاح ينهض بتعليمنا ولم نظفر به -للأسف الشديد- بل لعلنا سنظل ننتظر دون أن نرى حتى مجرد إرهاصاته، كأن هذا الاصلاح لا يحتل أولوية الاهتمامات لدينا ولدى قياداتنا، وما دام الأمر كذلك فسيظل أبناؤنا وأبناء أبنائنا يتخبطون غرقى ومتخلفين في كل الميادين.
من جهتها، علقت جريدة (لا براس) La Presse الناطقة بالفرنسية، على إحياء العواصم والمدن الكبرى العربية والغربية، اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وقالت: من تونس إلى باريس، مروراً بلندن وروما ولشبونة وأثينا، خرج عشرات الآلاف في مسيرات حاشدة، مردّدين شعارات تندّد بالإبادة الجماعية وبمنع وصول الغذاء والدواء إلى غزة. وقد تلت هذا اليوم التاريخي سلسلة من التحركات والفعاليات ذات الطابع الإنساني والدبلوماسي.
ونقلت صحيفة (الصباح) في تعليقها على واقع الانتهاك والعنف والإقصاء والتمييز الذي تعيشه النساء داخل المجتمع بفعل سيطرة العقلية "الباترياركية" في كل من تونس والجزائر والمغرب، عن جمعيات نسوية ساهمت في صياغة دراسة مشتركة عن واقع النساء في الدول الثلاث، أن الظاهرة بصدد التفاقم في ظل تجاهل من قبل الهياكل الرسمية، مشيرة إلى أنه إلى غاية شهر أكتوبر 2025، تم تسجيل 27 حالة تقتيل نساء في تونس، مقابل 26 حالة خلال سنة 2024. وفي الجزائر سجلت الجمعيات النسوية أكثر من 48 حالة تقتيل نساء سنة 2024. أما في المغرب، وحسب معطيات النيابة العامة- فقد تم تسجيل 65 جريمة قتل عمدا، و18 حالة تقتيل نتيجة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.
واعتبرت هذه الدراسة أن العنف الذي تتعرض له النساء في المنطقة لا يمكن اعتباره مجرد حالات معزولة، بل هو متجذر في منظومة اجتماعية تتسامح مع العنف الذكوري، وتبرره وتعيد إنتاجه باستمرار.
ويأتي ذلك -تضيف الصحيفة- في سياق عالمي تُسجل فيه هيئة الأمم المتحدة مقتل 137 امرأة أو فتاة يوميا على يد قريب، أي ما يعادل امرأة كل عشر دقائق.
وفي الشأن الإقليمي، تحدثت مقالات عديدة بالصحف التونسية عن استمرار آلة الحرب بين "الاخوة الأعداء" في السودان في حصد الأرواح وتدمير البلاد، وأجمعت على أن إسكات صوت البنادق في السودان بات أمرا صعبا في ظل إصرار كل طرف على الحسم العسكري وغياب أفق الحل السياسي، كما لا يوجد حل سهل لإنهاء الحرب بسبب شبكة معقدة من اللاعبين الدوليين الخارجيين حيث ينال الطرفان المتنازعان دعما من قوى أجنبية متشابكة لخلق مناطق نفوذ.
لكن الأسوأ من ذلك كله -تضيف الصحف- أن نار هذه الحرب المتواصلة قد تمتد إلى دول الجوار وقد تستغلها أيضا المجموعات الارهابية التي تتربص بالمنطقة، ما يعني خروج الأوضاع عن السيطرة في منطقة هشة أصلا.
وبخصوص الشأن الافريقي، جاء في مقال افتتاحي مطوّل بصحيفة (لو كوتيديان) Le Quotidien الناطقة بالفرنسية: تحوّل الوجود العسكري الأجنبي في إفريقيا -سواء أكان أمريكياً أو غيره- إلى أداة نفوذ تُعيد إنتاج آليات الهيمنة الاستعمارية القديمة بصيغ جديدة، وتُعامَل إفريقيا كفضاء استراتيجي يُستَخدم ويُدار لا كقارة ذات سيادة تستحق الاحترام.
واستطردت الصحيفة قائلة: النيوكولونيالية لم تعد تتجلى بعنف الأمس المباشر، بل تأتي هذه المرة بوجه ناعم، تحت لافتات "الشراكة" و"التعاون الأمني" و"المساعدة التقنية"، لتُعيد تشكيل الاقتصادات، والتأثير في الخيارات السياسية، وفرض نماذج حوكمة منسجمة مع مصالح الخارج بدل تلبية حاجات الشعوب.
ولاحظت الصحيفة أنه في مواجهة هذا الواقع، بدأ وعيٌ جديد يتبلور، ويرتفع صوت السيادة بقوة في عديد المناطق الافريقية من قِبَل المجتمعات المدنية، والحركات المناضلة من أجل وحدة القارة، وكذلك المثقفين، بل حتى بعض الحكومات أصبحت ترفض وجوداً أجنبياً يُنظر إليه على أنه تدخّل فض في الشؤون الداخلية.
وأكدت أنه لكي تنهض إفريقيا لا يكفي انتقاد الوجود العسكري الأجنبي، بل يجب بناء تصور إفريقي مستقل للأمن، وتطوير قوات مشتركة مستقلة فعلاً، وهذا يستدعي ترميم الثقة بين الدول، وتعزيز دور الاتحاد الافريقي والتجمعات الإقليمية، وتفضيل الحلول السياسية والاجتماعية للنزاعات بدلاً من استيراد استراتيجيات عسكرية جاهزة.. فالأمن لا يمكن استيراده من الخارج، بل إن جذوره تكمن في العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر، وفي التعليم وتنمية المناطق المهمّشة، وما لم تُعالج هذه الجذور، فلن تنجح أي قاعدة أجنبية، ولا أي طائرة بدون طيار، ولا أي برنامج تدريب في حل أزمات القارة.
وخلصت الصحيفة إلى القول: لكن السيادة الأمنية ليست سوى جانب واحد، فإفريقيا بحاجة أيضاً إلى التحرر من القيود الاقتصادية للنيوكولونيالية ومن الاتفاقيات التجارية غير المتوازنة والارتهان النقدي، والاستخراج الخام للثروات، والديون المفروضة، إذ أن كل مجال من مجالات التبعية يغذي الآخر.
-0- بانا/ي ي/ع د/ 07 ديسمبر 2025

